martes, 2 de septiembre de 2008

Un saludo del Comandante Salim para todos los musulmanes en este Ramadán que hoy comienza


1 comentario:

Anónimo dijo...

بقلم: د. هاني السباعي
hanisibu@hotmail.com



كنا ندرس في كتب الأدب أن المنذر بن ماء السماء أرسل جيشاً بقيادة الحارث بن ظالم للاستيلاء على مال امرئ القيس الذي تركه عند السموأل لما هرب منهم.. فلما نزل الجيش تحصن السموأل بقلعة له.. وكان له ابن قد خرج إلى الصيد.. فلما رجع أخذه قائد الجيش ثم قال للسموأل: أتعرف هذا؟ قال: نعم. إنه ابني. قال أفتسلم مال عدونا أم أقتله؟ قال: شأنك به فلست أخفر ذمتي ولا أسلم مال جاري. فضرب الحارث وسط الغلام فقطعه قطعتين وانصرف الجيش خائباً بدون أن يحصل على مراده.. وهنا قال الشاعر أبياته الشهيرة في الوفاء:

وفيت بأدرع الكندي إني *** إذا ما خان أقوام وفيت
هكذا كانت المروءة والوفاء في الأدب الجاهلي عند بني يعرب وقحطان.. أما اليوم فقد خلف من بعدهم خلف ضيعوا المروءة والوفاء ولم تبق لهم شيم ولا خلق يعتزون بها يورثونها للأجيال!!

قلنا هذه التقدمة ليعلم (أليتش راميريز سانشيز) الملقب بـ كارلوس أن هناك بوناً شاسعاً بين سلف هذه الأمة وبين خلفها الضائع في مهب الأمم!!

لقد سقطت قيم كان العرب يعتزون بها بعد حرب الخليج الثانية التي كانت نذير شؤم على كل الشرفاء في العالم.. وضاقت الدنيا على كارلوس بما رحبت.. تخلت عنه سوريا كعادتها دائماً كما فعلت مع عبد الله أوجلان فيما بعد حتى وقع بأمر الأمريكان في كينيا في أفريقيا حيث إن السودان لا تبعد عنها كثيراً!! وأبعد الرجل إلى اليمن التي لم ترحب باستقباله.. ومنها إلى السودان التي دخلها على حين علم من أهلها وليس على حين غفلة كما زعم النظام في وقتها!!

مؤامرة خسيسة:

أخيراً وصل(ابن آوى) وهو لقب أطلقته وسائل الإعلام على كارلوس نظراً لخفة حركته وسرعته ولقدرته على التخفي والإفلات من قوى الاستكبار في حقبة السبعينات والثمانينات .. لدرجة أن الإعلام كان يظن أن له شبيهاً أو أكثر من شبيه مثل حكايات شبيه الرئيس صدام حسين!!

المهم أن الرجل رقم واحد وصل السودان ، وعاش في زاوية النسيان راضياً بالكفاف وأوجاع الملاريا والبعوض الضال.. باكياً على أطلال الكفاح المسلح وتحرير فلسطين الأسيرة وهلم جراً.. غير أن الرجل الذي دوخ الدنيا كان قدره مع جبهة الإنقاذ بقيادة الشيخ الدكتور حسن الترابي أو ما يسمى بالمشروع الإسلامي في السودان البعيد أصلاً عن الأنموذج الإسلامي الحقيقي.. هذه المؤارة بدأت خيوطها منذ أن وطئت أقدام كارلوس إلى السودان يوم أن تخلى عنه الرفيق والصديق في سوريا واليمن وليبيا سدنة المد الثوري الأحمر البائد!!

وفي أغسطس سنة 1994م تم خطف كارلوس، العائذ بأهل السودان وللاجئ لما يسمى بحكومة إسلامية.. وتم تسليمه إلى فرنسا .. باسم الدين حلل الشيخ حسن الترابي صفقة الخزي والعار التي تمت بين المخابرات السودانية ومخابرات الفرنسيس!! باسم الدين ومصلحة الأمن القومي الضائع تم تسليم كارولس بكل سهولة! بثمن بخس بيعت المروءة وبيع مجد الأجداد التليد: من حق الجوار واغاثة الملهوف.

الحركات الإسلامية المجاهدة تندد بالجريمة:

لقد بيع كارلوس نصير الضعفاء بكل خسة وخساسة.. شمت فيه الشامتون.. وتنفست فرنسا الصعدا.. وهللت أمريكا وأذنابها.. وبكاه الرفقاء في صدورهم خشية أن يوصموا بالإرهاب!! لكن شهادة للتاريخ: أن بعض الحركات الإسلامية المجاهدة نددت بهذه الفعلة النكراء وهاجمت حكومة الإنقاذ عبر مقالات وبيانات كانت تصدر في أدبياتها ونشراتها في ذلك الوقت.. وقالوا ليس هذا خلق آبائنا الأولين.. وعلموا أن حكومة الإنقاذ التي استقبلتهم استقبال الفاتحين تحت شعار(السودان بلد كل الأحرار)!! كانت تتعامل معهم سياسة وليس من منطلق دين ولا أي عرف.. وأن هذه الحركات: ستؤكل كما أكل كارلوس!! لقد لجأت بعض هذه الجماعات الإسلامية إلى السودان وكان بعض قادتها وأتباعهم وعوائلهم مقيمين هناك .. لكنهم أيقنوا أن الدور قادم عليهم وأنه لا أمان لهم في السودان .. رغم أنهم يعلمون أن كارلوس يخالفهم في المعتقد إلا أنهم كانوا ينظرون إليه نظرة احترام .. ولم يكن أحد يعلم في ذلك الوقت أن (كارلوس) قد أعلن إسلامه منذ 1975 في اليمن كما ورد على لسان محاميته ( إيزابيل كوتان بيري) مؤخراً.. بل إن هذه المحامية الفرنسية هاجمت الشيخ الترابي في برنامج زيارة خاصة في قناة الجزيرة وقالت: "ولكنه خان كل قيمه الدينية، وخان الإسلام في المطلق، فكارلوس مسلم، وقد اعتنق الإسلام عام 1975، وفي الإسلام لا يجوز تسليم مسلم للعدو، الترابي خالف ذلك، وأعطى أوامره لحراس سانشيز، لتسهيل عملية الخطف"!!

ونحن نؤكد حتى ولو لم يكن كارلوس مسلماً فلا يجوز تسليمه وهذا ما تعتقده الحركات الإسلامية.. فلسنا أقل مروءة من أصحاب حلف الفضول الذين أثنى عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم لأنهم كانوا يغيثون الملهوف ويعينون المظلوم ويأخذون على يد الظالم في الجاهلية!!

وفعلاً حدث المكروه وتم التضييق بعدها على الحركات الإسلامية وطردهم وتهديدهم بالتسليم إن مكثوا في السودان.. بل إن الحكومة السودانية رفضت طلبهم بابقاء النساء والأطفال حتى يجدوا لأنفسهم مكاناً في بلاد الله التي ضيقها الأمريكان وأذنابهم.. فرفضوا وقالوا خذوهم معكم وتم تشريد هؤلاء المساكين في بقاع الأرض وكأنهم من بقايا بني إسرائيل الذين كتب عليهم التيه!!

ورغم حيل الشيخ الترابي وتحليله بيع كارلوس بفرنكات لا تسمن ولا تغني من جوع.. إلا أن حيله لم تشفع له ولم تنفعه مع حكومة الفريق البشير الذي ألقاه في السجن وبطش بأتباعه وتفرقوا في بقاع الأرض شذر مذر.. بل إنهم صاروا يتزلفون إلى عدوهم اللدود (جون قرنق) ذلك القرنق الذي أنشأوا لحربه برامج ساحات الفدا وتحريض الشباب السوداني على الجهاد والتغني بأمجاد خالد والمثنى والقعقاع!!

الشيخ الترابي والملا عمر:

لقد بطل السحر.. وانكشفت المخبوء.. وها هم أولاء (كيزان الجبهة الإسلامية) ـ كما وصفهم الترابي نفسه ـ يتجرعون من نفس الكأس الذي شرب منه كارلوس وأبناء الحركة الإسلامية!!

ما ضرهم لو أنهم فعلوا ما فعله الشاعر الجاهلي: السموأل الذي ضرب به المثل في الوفاء.. أو مثل ما فعله الملا عمر في أفغانستان عندما ضحى بكرسي الحكم في مقابل الوفاء بعهده للشيخ أسامة بن لادن في عدم تسليمه للأمريكان.. الشيخان فقدا المنصب والجاه : الشيخ الترابي دخل التاريخ بكل مذمة.. والملا عمر دخل التاريخ بالثناء الجميل.. وأجره محفوظ عند ربه سبحانه وتعالى.. ولله في خلقه شؤون.

سقوط المنظومة الثورية أمام مطارق الخيانة:

أعتقد أن هناك سقوطاً لمنظومة متكاملة .. سقوط تيار المقاومة .. تيار: (لا .. لقوى الاستكبار).. رغم اختلاف المعتقد بين التيارين: التيار الإسلامي والتيار اليساري بكافة فروعه الثورية.. إلا أن الجامع بينهما رفضهم للهيمنة الأمريكية ورفضهم لمنطق الغطرسة الأنجلو أمريكية.. وكان كارولس من تيار اليسار الرافض للظلم الذي تمارسه المنظومة الأمروغربية.. ترك (فنزويلا) بلده المحببب لديه ترك الأمن والأمان ليعيش في عالم الكر والفر.. نصرة لقضية فلسطين التي لا يتنمي إليها لا من قريب ولا من بعيد.. جاء ليشارك هؤلاء الرفقاء كفاحهم.. لكن الرفاق تكالبت عليهم الدنيا؛ منهم من صبر ومات كمداً أو قتل صبراً ومنهم وللأسف وهم كثير قد ألقوا النضال تحت أقدامهم، واشتروا بعض المناصب في مقابل التخلي عن شعار الثورة حتى النصر.. وظل كارلوس وحيداً انفض عنه أصحاب القضية وقيل له تهكماً: (أنت ملكي أكثر من الملك)!

لم يكفر كارلوس بقضية فلسطين:

لو كان رجل غير كارلوس مكانه بعد كل هذه الأفاعيل.. لكفر بفلسطين وبالعرب وبأهل أمة لا إله إلا الله!! ونظراً لأنه كارلوس.. الأسد الضاري نصير المستضعفين.. فقد ظل على العهد فلم تلن له قناة ولم يكسر له قلم.. ولم يركع لجلاوزة باريس.. ولت ترهبه تهديدات أمريكا.. كارلوس الذي فقد زوجته الفلسطينية (لينا جرار).. ولم يعلم مصيرها حتى الآن.. لم يكفر بفلسطين كما كفر أبناؤها الأصليون.. يصر كارلوس وهو محاط بغابة من الحراس الغلاظ الشداد يعدون أنفاسه يتناوبون مراقبته على مدار الساعة.. وهو في (جوانتانامو) فرنسا.. باستيلها الجديد.. يصر على عدالة قضية فلسطين يتنقد معاهدات الهوان من أوسلو ومدريد ووادي عربة وطريق جهنم!! يبارك الاتنفاضة التي تريد وأدها أمريكا ومن يعملون لحسابها في بلاد العرب.. يحيي المقاومة الفلسطينية بكافة فصائلها.. لم ينس الأم الفلسطينية وصغيرها وطالب بوضع راتب شهري لكل أم قدره خمسمائة يورو .. في نفس الوقت الذي يمن فيه حكام العرب على الشعب الفلسطيني عن الأموال التي سترسل والميزانيات التي سترصد.. ولم يصل إلى الشعب الفلسطيني إلا الكلام.. ومفاوضات العالم السفلي على يد مدير المخابرات المصرية عمرو سليمان الذي يعمل وزير خارجية بالوكالة.. طيب ألغوا وزارة الخارجية أكرم لكم!! يبشركارلوس العالم بأن حل قضية فلسطين في أيدي هؤلاء الشباب المسلم من أبناء حماس والجهاد الإسلامي وغيرهم فهمم الأمل الذي ستعود على أيديهم فلسطين وليست على أيدي سماسرة السلام المزعوم!

بل إن كارلوس يتحدى كل قوى البطش والطغيان ذاكراً الشيخ أسامة بن لادن بكل ثناء جميل، معجباً بمواقفه وطريقة تفكيره.. لم يتنفل بسطر واحد متهماً الشيخ أسامة بن لادن بأي صفة ترضي الأمريكان!! إنه كارلوس.. نصير الضعفاء..

العجوز الشاب: نلسون مانديلا:

أما نلسون مانديلا.. الشيخ الشاب.. والمناضل النبيل.. خرج من السجن وقد فقد 27 عاماً من عمره.. دخل شاباً يقاوم نظام الفصل العنصري في بلده جنوب أفريقيا.. خرج شاباً رغم شيخوخته وبنفس حماس الماضي.. لم يكتب استرحاماً لطاغية ولم يؤلف مراجعات فكرية أو طروحات انهزامية على شاكلة مراجعات القيادات التاريخية المنتكسة في العالم الإسلامي.. لم يتبرأ من مقاومته لحكومة بلاده العنصرية.. لم يكتب صك عفران وشهادة لجبار من جبابرة الأرض كما في صك الغفران الذي منحه كبير القيادة التاريخية للجماعة الإسلامية بمصر لصاحب كامب ديفيد!!

ظل مانديلا مثل نظيره كارلوس نصيراً للضعفاء.. لم تتغير مبادئه حتى وهو رئيس لبلاده! يضرب الفارس النبيل (مانديلا) أروع المثل في العزة والإباء وهو يقف أمام طاغية العصر جورج بوش: لن أقابله إذا جاء جنوب أفريقيا.. لأنه رجل مارق يرأس نظاماً مارقاً كذب على العالم واحتل العراق يختلق الأكاذيب.. ثم وفى مانديلا بوعده ولم يقابل بوش عندما زار بلاده.. مع العلم أن هناك طابوراً كبيراً من رؤساء العرب والعالم الإسلامي في قائمة الإنتظار حتى ينالوا بركة لقاء أمير المؤمنين (جورج بوش)!!

نعم .. مانديلا.. لقد أخجلتنا في كل مواقفك المشرفة.. يوم أن كنت تدافع عن أفغانستان في الوقت الذي رحب بالعدوان الأمريكي شماريخ العرب!!

لقد سقطت جماعات اسلامية وانهارت حركات قومية وتنكب الطريق من تنكب.. لكن الرجلين ظلا شامخين بمبادئهما لم يفرطا ولم يسقطا ولم ينهارا.. فسلام وتحية.. لكارلوس ومانديلا..

---------------------------------

* مدير مركز المقريزي للدراسات التاريخية